ألمحت مصادر بنكية أن إدارات الاستثمار ببنوك محلية تعمل على وضع تصورات مبدئية في محاولة منها الاستفادة من القدرات المالية المحدودة لعملائها الجدد من شريحة المتقدمين لبرنامج ”حافز” الذي اشترط وجود حساب بنكي للمتقدمين حتى يتمكنوا من الاستفادة البرنامج.
ووفقا لذات المصادر فإن البنوك ستعمل جاهدة لتقديم خدمات بنكية ميسرة لأكثر من 1.5 مليون شاب وفتاة باحثين عن العمل يتوقع أن يكونوا قد يكملون عملية فتح حسابات بنكية لهم في عدد من البنوك خلال الفترة المقبلة.
توقعت المصادر أن تبني البنوك علاقة استراتيجية ربحية مستقبلية مع عملائها الجدد من الباحثين عن العمل وذلك من خلال منحهم بطاقات الصرف الآلي والبطاقات ائتمانية للاستفادة من خدمات البنك سواء عن طريق الشراء من نقاط البيع والتحويلات المالية من حسابهم الخاص إلى حسابات بنكية أخر، إضافة استقبال حسابات البنكية لهم للإيداعات المالية الشهرية التي ستقدمها الدولة لهم. فضلا عن أن بعض البنوك ستعمل على دراسة إمكانية تقديم قروض استهلاكية ميسرة ذات طابع اجتماعي للمستفيدين من برنامج ”حافز”. ويقول حمد العنزي ـ مصرفي ـ إن الشباب والفتيات المستفيدين من برنامج ”حافز” سيكونون في المستقبل القريب موظفين منتجين وفق عقود عمل مع جهات عمل مختلفة، لذا يجب على البنوك أن تحسن التعامل معهم كونهم عملاء إقراض محتملين مستقبليين عند حصولهم على وظائف من جهات معتمدة لدى البنك، الأمر الذي سيمكن البنك من بناء قاعدة عملاء عريضة تتيح لإدارات الاستثمار والتخطيط فرصة تقديم خدمات بنكية على المديين القريب والبعيد.
ويضيف العنزي بحسب “الاقتصادية” أن بإمكان البنوك بيع بعض منتجاتها لفترات قصيرة في حدود مالية منخفضة كتسويق بطاقات ائتمانية حد صرفها 1000 ريال (تمثل 50 في المائة من المكافأة الشهرية)، على أن تكون مدة البطاقة ستة أشهر مع أخذ في الاعتبار مخاطر عدم السداد في حالات وقف الحافز من قبل الدولة أو عدم رغبة الجهة التي سيعمل فيها الشاب أو الفتاة مستقبلا استمرار تعاملها مع البنك الذي يوجد فيه حساب الشاب أو الفتاة.
ويرى الدكتور أسامة عثمان أستاذ المالية والاقتصاد في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أنه في حال قامت البنوك بفتح حسابات بنكية لعدد من الباحثين عن العمل فإنها بالضرورة ستستقبل الإيداعات المالية التي خصصتها الدولة في حساباتهم، مما يعني زيادة احتياطاتها من النقد، بالتالي ستكون قادرة على توسيع عملياتها المالية.
ويؤكد عثمان أن برنامج ”حافز” رغم أنه غير دائم، وأن دوره سينتهي بمجرد حصول الشاب أو الفتاة على فرص عمل، إلا أن ذلك لا يمنع أن تستفيد البنوك من قاعدة عملائها الجدد من الباحثين عن العمل أو بعد حصولهم على فرص وظيفية، الأمر الذي سيرفع من مستوى دخلهم الشهري في حال استمروا في تعاملهم مع البنوك التي سمحت لهم بفتح حسابات شخصية لهم وهم ضمن مظلة ”حافز”.
ويقول الدكتور عثمان: ”إن البنوك عليها أن تدرك أن كل المستفيدين من ”حافز” يرغبون في الحصول على فرص عمل في القطاعين العام والخاص فقط، وإنما هناك مجموعة منهم لديها مهارات وأفكار استثمارية لتأسيس عمل حر سيكون له جدواه الاقتصادية إذا حظي بدعم وتمويل من قبل البنوك”. ويضيف أن ”حافز” لابد أن يصادف نجاحا، حتى ولو جزئيا حتى تستفيد منه البنوك.
ويقول الدكتور عثمان إن الجهات الرسمية قدمت فرصا استثمارية واعدة للبنوك عندما ألزمت هؤلاء الشباب والفتيات بشرط فتح حساب بنكي حتى يستفيدوا من البرنامج، حيث سيكون بمقدور البنك الاستفادة من رسوم بطاقات الصراف الآلي والتحويلات المالية من حساب لآخر، والشراء عن طريق نقاط البيع، وغيرها من الخدمات البنكية الأخرى.
ويركز ناصر القرعاوي ـ محلل اقتصادي ـ على أهمية أن على البنوك الالتزام بمسؤولياتها الاجتماعية تجاه كافة شرائح المجتمع وعدم تصنيفه إلى فئات، سواء كانوا أفرادا أو شركات، فالبنوك عندما تشرع في فتح حسابات بنكية للباحثين عن العمل بالتأكيد أنها ستعمل على حماية وحفظ أموالهم ومدخراتهم وتجعلهم قادرين على إدارتها وإن قل حجمها.
ويؤكد القرعاوي أن البنوك ستستفيد من عملية فتح حسابات لأكثر من 1.5 مليون شاب وفتاة، سواء عن طريق التحويلات المالية وخدمات تسديد فواتير واستخدام بطاقات الصرف الآلي والائتمانية، مشيرا إلى أن البنوك تتقاضى على جميع هذه العمليات رسوما يتم تحصيلها من عملائها الجدد من الباحثين عن العمل.
وبين أن فتح حسابات بنكية لهؤلاء يتيح للبنوك فرصة تحقيق عوائد مالية، وإن قلت نسبتها إلا أنها تمثل مكسبا لها عندما تؤسس قاعدة عملاء جدد سيكونون في المستقبل القريب بمثابة وقود يحرك دورة العمليات المالية والمصرفية لهذه البنوك.
ودعا القرعاوي إدارات الاستثمار في البنوك المحلية للعمل على طرح منتجات وخدمات بنكية تمكنها من استقطاب أكبر عدد من الباحثين عن العمل عن طريق منح قروض استهلاكية ميسرة لهم دون التفكير في استغلال هذه الإعانة التي قصد منها مساعدة هذه الفئة لحين حصولها على فرص عمل. لافتا النظر إلى أن عددا كبيرا من الشباب والفتيات سيحصل على فرص عمل في نهاية المطاف سواء في القطاع العام أو الخاص، بالتالي ستتوسع هذه الفئة في عملياتها المالية لدى البنوك، وسيكون لها تطلعات مستقبلية أخرى في الحياة سواء مشاريع الزواج أو الإسكان أو التدريب أو التعليم الجامعي والسياحة والسفر مما يعني حاجتها لخدمات هذه البنوك التي يجب عليها اغتنام هذه الفرصة بشكل جيد وسريع، لذا عليها ـ أي البنوك ـ تقديم منتجات بنكية مغرية لهذه الفئة، فهناك شباب هم في حاجة لخدمات في الوقت الحاضر تتمثل في رغبتهم في امتلاك سيارة ورغبة البعض منهم إكمال دراسته الجامعية، أو الالتحاق بدورات تدريبية. في حين أن الفتيات هن في حاجة إلى عروض تسويقية وترويجية من شركات تهتم بالجانب النسائي كشركات الذهب والمجوهرات.
ولكن العنزي، يعود ليشير لكون هذه الفئة المستفيدة من البرنامج غير مؤكد استمرار صرف هذا الحافز لها على اعتبار أنها قد تخضع لقرار إيقاف الدفع عن بعض الذين يكتشف أنهم تلاعبوا في صحة تسجيل بياناتهم، أو وقف العمل بالبرنامج من قبل الدولة نفسها خاصة أن البرنامج مرتبط بفترة زمنية محددة وقد لا يتم تجديده، فإن البنوك ستكون غير مرونة في عرض أو بيع منتجاتها المصرفية الاستهلاكية مثل القروض الشخصية أو البطاقات الائتمانية فقد تقوم بالبيع وفق مخاطر عالية خاصة أن القطاعين العام والخاص غير ملزمين بالاستمرار في إيداع الراتب الشهري للمستفيد في نفس البنك الذي تم فيه فتح الحساب البنكي أول مرة، فمن الممكن أن تفضل التعامل مع بنك بعينه دون الآخر، وهذا أمر وارد، لذا في البنوك لن تكون مرنة في شروط عند منح قروض حتى لو كانت ميسرة.
من جهته، يشير فضل البوعينين ـ محلل اقتصادي ـ أن البنوك الغربية تعمل على فتح حسابات بنكية للأطفال وتقدم لهم هدايا سنويا منذ صغرهم حتى يترسخ اسم البنك في ذاكرتهم ليصبحوا بعد ذلك عملاء دائمين في المستقبل، لذا على البنوك السعودية أن تستفيد من فرصة فتح حسابات للباحثين عن العمل وأن تقدم لهم خدمات مصرفية تبقيهم مرتبطين بالبنك حتى بعد حصولهم على فرص عمل.
ويقول فضل إن البنوك من واجبها الاجتماعي أن تقدم خدمات مصرفية تتلاءم مع الوضع المالي لهذه الفئة التي ستمثل في المستقبل القريب قاعدة عملاء جيدة. ويؤكد على أن هناك عددا من الخدمات التي يمكن أن تقدمها البنوك لهذه الفئة، على الأقل من باب المسؤولية الاجتماعية للقطاع المصرفي، تجاه المجتمع. وأضاف أن القطاع المصرفي يجب عليه عدم التركيز على الجوانب الربحية، وإنما تؤسس لعلاقة قوية مع هذه الفئة بعد مساعدتها في الحصول على راتب ”حافز” في الوقت الحالي وأن تعمل على تقديم خدماتها الأخرى كبطاقات الصرف الآلي والبطاقات الائتمانية التي تعتبر مربحة للبنوك، لاسيما أنها تتحصل على رسوم رمزية على هذه البطاقات. على البنوك إلا تركز على عملاء من ذوي الرواتب العالية فقط، وإنما عليها، ومن منظور اجتماعي، التفكير في عملائها من أصحاب الرواتب المتدنية، ولعل الباحثين عن العمل هم جزء من أصحاب الرواتب المتدنية في الوقت الحالي. ويشير فضل إلى أن البنوك سيكون بمقدورها تحقيق أرباح مستقبلية عندما يرتبط هؤلاء بعقود عمل مع جهة ما، كما أن مؤسسة النقد أعطت الحق للبنوك تحصيل رسوم رمزية على الحسابات البنكية التي تقل أرصدتها عن ألف ريال، ناهيك أن البنك لا يتحمل أصلا أعباء مالية عند فتح حساب لعملاء جدد، أن لديها أنظمة قادرة على استيعاب أكبر عدد من العملاء الجدد.